
من يتجول اليوم في سوق سيدي يحيى الجديد بوجدة يكتشف سريعاً أن اسم “الجديد” لا يطابق واقع الحال، فالمكان يفتقر إلى أبسط شروط السوق العصري الذي يُفترض أن يحفظ كرامة التجار ويضمن راحة المتسوقين.
التجار يعرضون سلعهم في العراء، تحت شمس الصيف الحارقة أو أمطار الشتاء الغزيرة، في مشهد يعكس غياب أي رؤية لتأهيل الفضاء. أما الجزارون، فمضطرون لعرض اللحوم في ظروف لا تراعي المعايير الصحية، ما يشكل خطراً على صحة المستهلكين قبل أن يكون مجرد خلل تنظيمي. وزاد من حدة هذه الوضعية غياب مجزرة خاصة بالسوق تُمكن من ضمان الذبح وفق شروط المراقبة الصحية.
ولعل أكثر ما يثير الاستغراب هو الحالة المزرية للطريق داخل السوق، فهي غير معبدة ولا مهيأة، فتتحول إلى أوحال في فصل الشتاء وغبار خانق في الصيف، مما يزيد من معاناة البائع والمشتري على حد سواء.
وتتضاعف المعاناة عند الحديث عن وسائل النقل. فرغم أن سيارات الأجرة الكبيرة تبقى الوسيلة الأساسية للوصول إلى السوق، إلا أن غياب خطوط الحافلات يزيد من عزلة المكان. كما أن موقف السيارات بعيد عن السوق، ما يجعل المتبضعين، خصوصاً كبار السن والنساء، يواجهون صعوبة في حمل مشترياتهم.
أمام هذه الوضعية، يتساءل الرأي العام المحلي: متى سيتم بناء سوق حقيقي بمواصفات تحفظ كرامة مرتاديه؟ ولماذا تلتزم جماعة أهل أنكاد، صاحبة الاختصاص، صمتاً غامضاً في ظل كثرة الأخبار المتداولة والتأويلات المتضاربة حول مصير المشروع؟
ورغم كل هذه العراقيل، يظل السوق قبلة لعدد كبير من سكان وجدة، خصوصاً كبار السن الذين لا يتصورون التخلي عن هذا الفضاء الذي ارتبط بذاكرتهم وعاداتهم اليومية.
إن سوق سيدي يحيى الجديد ليس مجرد فضاء للتبضع، بل هو اختبار حقيقي لمدى جدية السلطات في تدبير الشأن المحلي، ومدى احترامها لانتظارات الساكنة وحقها في سوق لائق يحترم شروط الصحة والسلامة، ويوفر بنية تحتية وخدمات نقل تواكب حاجيات المدينة.



