
نظم فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية مع شركائه وبتمويل من صندوق الأخضر الدولي وإشراف تحالف “عرب واتش” يوم السبت 27 غشت 2022 من الساعة الثامنة صباحا الى غاية السابعة مساء زيارة ميدانية للموقع البيولوجي لمصب ملوية لفائدة الصحفيين والصحفيات بالجهة الشرقية والوطنية للوقوف على المخاطر التي تهدد مستقبل هذا الموقع البيولوجي المصنف عالميا في اتفاقية “رامسار” لحماية المناطق الرطبة.
في البداية، رحب رئيس فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية بالصحفيين والصحفيات المشاركين في الزيارة الميدانية للموقع البيولوجي لمصب ملوية وقدم لهم برنامج الزيارة حيث سيتم التوقف في أربعة محطات لتدارس المخاطر التي تهدد مصير الموقع البيولوجي لمصب ملوية. المحطة الأولى تخص محطة الضخ لمولاي علي والثانية مشرح الصفصاف والثالثة حامة ملاي علي والرابعة محطة الضخ ولاد ستوت. على مستوى كل محطة كانت التوضيحات تعطى للمشاركين والجواب على أسئلة الصحفيين. بهذه المناسبة تم توزيع نسخة من العريضة التي قدمها الى مجلس جهة الشرق التجمع البيئي لشمال المغرب وفضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية لإدماج ومناقشة هذه الاشكالية في جمع عادي لمجلس جهة الشرق ولكن مع الأسف الشديد تم رفضها من طرف رئيس مجلس جهة الشرق كما رفض تنظيم يوم دراسي عي وجه العموم بحضور الصحافة والادارات المعنية.
يمكن تلخيص هذه التوضيحات والأسئلة التي طرحت من طرف الصحافة والأجوبة عليها في ما يلي:
تجب الاشارة الى أن الموارد المائية التي يجلبها واد ملوية عبر روافده من سلسلة جبال الأطلس الكبير والمتوسط والهضاب العليا قد تمت السيطرة عليها 100 في 100 من طرف مجموعة من السدود الكبيرة والمتوسطة التي تم انجازها منذ سنة 1957 الى غاية ا اليوم وهي سد مشرع حمادي (1957) سد محمد الخامس (1967) سد على واد زا (2020) سد الحسن الثاني (2020).
حاليا يتم انجاز مشروع توسيع سد محمد الخامس ليصل حجمه الى مليار متر مكعب وبالتالي سيقطع الطريق على أخر قطرة من مياه ملوية في اتجاه البحر عبر الطلقات بمناسبة الحملات الناتجة عن غزارة التساقطات المطرية.
دائما في اطار استغلال مياه ملوية في سافلة سد مشرع حمادي حيث لا تغدي السافلة سوى بعض العيون، أنجز مكتب الاستثمار الفلاحي لملوية بناء محطة ضخ بمولاي علي سنة 1995 بحجم 3.9 م3/ث وأنجز مؤخرا سنة 2021 محطة جديدة بجماعة ولاد ستوت حجمها 1.5 م3/ث حيث تضخ هتين المضختين ما مجموعه 5.4 م3/ث ولم يتبقى سوى 1.6 م3/ث لتغطية الصبيب الايكولوجي وحاجيات السكان في جوار ملوية السفلى الذين أصبحوا يعانون من ملوحة مياه البحر التي اجتاحت واد ملوية نتيجة لضعف الصبيب.
ومما يزيد تعقيد هذه الاشكالية أعلن في البرنامج الاستعجالي 2020/2027 لمواجهة الفترة الحالية لندرة التساقطات على صعيد الجهة الشرقية، عن بناء سدود جديدة في كرسيف، دريوش، تاوريرت وخاصة سد مشرع الصفصاف بإقليم بركان.
هذا المشروع الأخير رغم القول أنه سيزود ملوية بمياه واد “لاو” الا أنه سيشكل تهديدا خطيرا على مستقبل الموقع البيولوجي لمصب ملوية وتنوعه البيولوجي وذلك لموقعه الجغرافي في سافلة سد مشرع حمادي وانعكاسه على توالد الأحياء المائية المتواجدة في السافلة وسيكون حاجزا خطيرا لتحرك الأسماك التي هي بأمس الحاجة له لتوالدها وتكاثرها ونموها. هذا المشروع سيكون له عواقب وخيمة على الأحياء المائية والتنوع البيولوجي الذي يزخر به واد ملوية.
في الشهور الأخيرة، عجز الجريان المائي لواد ملوية عن الوصول إلى المصب نظرا لنقص الواردات المائية. هذا مؤشر خطير يعكس التأثير على الفرشة المائية، وعلى الفلاحة على ضفاف ملوية، وعلى المنطقة الرطبة للموقع ذي الأهمية البيولوجية والإيكولوجية لملوية الذي يشكل موئلا للتنوع البيولوجي (نباتات وأسماك وزواحف وطيور محلية ومهاجرة). هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بالجفاف المستفحل منذ السنة الماضية والاستغلال المفرط للمياه على طول الواد (بين سد مشرع حمادي والمصب). كما أدى انخفاض منسوب ملوية المائي إلى تسرب مياه البحر عبر المجرى (ارتفاع نسبة الملوحة).
الحفاظ على الصبيب الإيكولوجي هو ضروري للحيات والمنظومات البيئية المتواجدة بهذه المنطقة الرطبة. الصبيب الإيكولوجي، أو الصبيب البيئي، أو الحد الأدنى من تدفق المياه نحو البحر هو أقل صبيب يجب الحفاظ عليه في مجرى الأنهار والوديان للحفاظ على الحياة والنظم الإيكولوجية المائية التي توجد في الأنهار والوديان. وهناك عدة طرق وتقنيات لتحديد هذه الكمية من الصبيب الإيكولوجي بعد انجاز البنيات التحتية كالسدود ومحطات الضخ أو محطات إنتاج الكهرباء على ضفاف الأنهار والوديان.
تم مؤخرا إنشاء محطة ضخ جديدة في جماعة أولاد استوت، مما نتج عنه ازدياد الضغط على الموارد المائية عند سافلة سد مشرع حمادي، وتراجع صبيب مياه واد ملوية في السافلة إلى درجة انسداده يوم 13 أكتوبر 2021، كما يوجد الآن في طور الانجاز تعلية سد محمد الخامس، وبرمجة سدود أخرى على روافض واد ملوية لسد حاجيات سقي الأراضي الفلاحية. إلا أن هذه المشاريع قد أفرزت، على مستوى مصب ملوية، مجموعة من الخروقات القانونية والأضرار خاصة على المستويين الاجتماعي والبيئي. وتسعى هذه الزيارة الميدانية للصحافة الجهوية والوطنية المساهمة في المرافعة الوطنية لحث أصحاب القرار للإسراع في إصدار النصوص التطبيقية للمواد 26 و 96 و 97 لقانون الماء رقم 36.15 المتعلقة بالطرق التقنية لتحديد الصبيب الإيكولوجي للوديان والأنهار بالمغرب، وإنقاذ الموقع البيولوجي والإيكولوجي لمصب ملوية من التجفيف والمحافظة على منظومته البيئية.
وقدم المهندس – الدكتور محمد بنعطا شروحات قيمة حول إشكالية الصبيب الإيكولوجي للموقع البيولوجي لمصب ملوية. في بداية عرضه، ذكر بأهمية التنوع البيولوجي الذي يزخر به الموقع وأهميته بالنسبة للطيور والأسماك والأحياء بصفة عامة وبضرورة الحفاظ على هذه الثروة التي حبا الله بها هذه الأراضي الرطبة لجهة الشرق. تمت الإشارة كذلك إلى بعض المحطات التاريخية التي عرف فيها واد ملوية أحداثا أثرت على جودة مياهه أو صبيبه أو تنوعه البيولوجي نتيجة للتلوث أو إنشاء بنيات تحتية هيدروليكية أو الضغط على استعمال مياهه لأغراض فلاحية أو صناعية أو سياحية. بناء على معطيات محطة الصفصاف قبل بناء أول سد على واد ملوية سنة 1956 (مشرع حمادي) إلى يومنا هذا، نسجل انخفاض صبيب واد ملوية من 29.7 م3/ث إلى 1.6 م3/ث. وفي ختام عرضه، أشار إلى احتمال انعكاس سلبي وخطير لبناء سد جديد على مستوى مشرع الصفصاف على التنوع البيولوجي والكائنات المائية الحية في سافلة مشرع حمادي. في حالة انجاز هذا السد سيتم حجز جيع المياه النابعة من العيون في سافلة سد مشرع حمادي وحرمان المنطقة الرطبة من صبيبها البيئي الضروري للحياة البرية والمائية الذي يزخر بها هذا الموقع ذو الأهمية البيولوجية على المستوى الجهوي والوطني والعالمي.
في الأخير، أكد محمد بنعطا بصفته رئيس فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية ومنسق عام للتجمع البيئي لشمال المغرب، أهمية ووجوب تخفيف الضخ على مستوى محطتي الضخ مولاي علي وأولاد استوت والمحطات الأخرى للخواص وعدم إنشاء محطات ضخ جديدة؛ وإعادة النظر في مخطط الماء الاستعجالي للسقي والماء الصالح للشرب 2020-2027 وخاصة بناء سد مشرع الصفصاف وسدود أخرى على واد ملوية مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع البيولوجي كطرف في استعمال المياه واحترام الصبيب الإيكولوجي للحفاظ على المنظومة البيئية للمنطقة الرطبة للموقع البيولوجي لمصب ملوية.



