
يمر العام الذي ودعناه قبل شهر أو نيف، سرمدا وفراغا على مدينة تندب حظها، إلا أن إصرار البعض على تتويج شخصيات محلية، صار أشبه ب”موسم” وتقليد لا تعلم العامة ولا النخبة مراميه.
مرت السنة التي نودعها بلا طعم أو تميز، بلا إنجاز تحقق، بلا بناء أو فرحة تغمر قلوب الفئات المستضعفة التي لم تمتع نظرها بمرشحي المدينة وبرلمانييها، منذ ذات اقتراع قبل أزيد من سنة ونصف.
كل هذا الركام الاجتماعي والاستعصاء السياسي الغريب الذي حول مدينة الألف من ستراسبورغ الحلم إلى مجرد قندهار الواقع، بجفاف على مستوى الإنجاز والذي طمر آخر ذرة أمل لدى السكان، كل هذا والبعض يصر على تتويج شخصيات لم تقدم شيئا يذكر لهذه المدينة، فيتحول التتويج إلى أشبه بمدح بالمخالفة وقصائد المادحين في العصر العباسي.
غير أن الساحة المحلية لم تخل ممن سوقوا اسم المدينة وطنيا ودوليا ومن يستحقون كلمة ثناء، ولعل أبرزهم رئيسة جمعية الشبيبة لذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤها حورية عراض، التي بصمت على سنة متميزة من حيث الإنجازات ومن حيث المساهمة في تسويق اسم المدينة على المستوى الوطني، وكانت شريكا حقيقيا موثوق به في مواجهة عدد من الظواهر التي تحدث بالمدينة والجهة الشرقية ككل، ومنها احتواء المد الافريقي الناتج عن حلم الشباب والقاصرين من دول جنوب الصحراء، لبلوغ أوربا، والذي نتجت عنه إحدى أكبر الكوارث الإنسانية على مشارف مليلية المحتلة، في محاول اقتحام أسفرت عن قتلى وجرحى.
حورية عراض استجابت بشكل فوري وانخرطت في السياسة العامة للبلاد بخصوص قضايا الهجرة في إطار برنامج ” هجرة وحماية” الذي أتقنت حياكته من الناحية التنظيمية والقانونية والإنسانية. ووسعت من أجله الطاقة الإيوائية لمراكز إيواء المهاجرين التي تشرف عليها، أضعافا كثيرة مما كانت عليه من قبل، لتكسب بذلك ثقة الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم منظمة اليونسيف والاتحاد الأوربي، وما زيارة السفيرة المعتمدة بالمغرب باتريسيا كوساك لجمعية الشبيبة سوى تأكيد للثقة وجو الارتياح الذي يطبع العلاقة بين الطرفين.
إلى جانب الأفارقة من دول جنوب الصحراء، واصلت عراض برنامج تكوين شباب وجدة الذين لم يسعفهم الحظ لمواصلة دراستهم، في اطار برنامج الفرصة الثانية الجيل الجديد بمدرستي عبد الكريم الخطابي ولالة نزهة، بتسجيل عدد قياسي هذا الموسم فاق على غير العادة، 600 مستفيد من التكوين في مختلف الشعب والتخصصات يكملون دراستهم بالحصول على ديبلومات معترف بها تمكنهم من ولوج سوق الشغل، وفي الإطار نفسه، عينت رئيسة جمعية الشبيبة عددا من الأطر لمواكبة البرنامج، لتكون بذلك قد ساهمت في امتصاص البطالة، وهو ما عجز عنه عدد من ممثلي السكان.
مما يميز حورية عراض عن غيرها، تطليقها للسياسة بالثلاث وبدون رجعة، نظرا لكون المردود السياسي محليا لم يكن في مستوى الطلعات، وطموحاتها السياسية اصطدمت بحسابات سياسوية ضايقتها كثيرا وأبطلت مفعول فصول وقوانين في مدونة الانتخابات، وجعلت الشركاء السياسيين يديرون لها ظهرهم، فيما كسبت تعاطف ودعم الفرقاء ولو بتغيير المنكر بالقلب.
أيقنت حورية عراض أن العمل الاجتماعي الإنساني والإحساني هو من صنع لها اسما محليا ووطنيا وبلغ صداه المستوى الدولي، فقطعت الشك باليقين وقدمت استقالتها من المجال السياسي لتتفرغ لأعناق تشرئب إليها كل يوم من البراءات من ذوي الاحتياجات الخاصة.
هذه هي حورية عراض الصورة الجلية التي لا تقبل التملق والنفاق، والصفحة المشرقة مما تبقى من العمل الجمعوي الجاد المساهم في التنمية وفي تلميع صورة البلاد كشريك حقيقي البناء وتسويق صورة المغرب الحقيقية في منآى عن لغة الأرقام الافتراضية البعيدة عن الواقع.



