
مرت بمدينة وجدة قرابة ثمان سنوات عجاف، بسبب تراكمات إغلاق الحدود وضعف الميزانيات المخصصة للمشاريع التنموية وأسباب أخرى، مما تسبب في ركود اقتصادي واجتماعي رهيب، أدى إلى توقف عجلة التنمية، بشكل كبير.
لكن ومع مجيء الوالي الجديد الخطيب الهبيل، بدأت مدينة وجدة تعرف بعض الحركية استبشر معها المواطنون خيرا، بعودة بريق حاضرة المغرب، المفقود، أملا في إقلاع سوسيو اقتصادي يعيد البسمة لآلاف من المواطنين، من ضمنهم الشباب.
وقد باشر الوالي الخطيب الهبيل مهامه، بدء بمحاربة العشوائية داخل المدينة، وبفضاءات ظلت تئن تحت وطأة الفوضى لسنوات عديدة، ونخص بالذكر لا الحصر، ساحة سيدي عبد الوهاب القلب النابض للمدينة ومحج السكان كل مساء للتسوق والنزهة، في ظل غياب فضاءات خاصة للترويح عن النفس، هذا بالإضافة إلى شارع عبد الرحمان احجيرة المعروف بزنقة مراكش. الحرب ضد العشوائية التي شنها الوالي طالت كذلك جنبات الأسواق، حيث يتمركز حولها عدد من الباعة الجائلين الذين يعرقلون حركة المرور، ويشكلون مصدر إزعاج للمارة بفعل بعض السلوكيات الممقوتة.
الوالي الجديد أعطى أيضا، أهمية كبيرة للأسواق النموذجية التي كلفت أموال طائلة من ميزانية الدولة لتظل ولأسباب ” سياسوية” مغلقة وعرضة للإهمال، فعمل على شن حملة تنظيف لهذه الأسواق لتمكينها لعدد من الباعة الجائلين و”الفراشة” لممارسة أنشطتهم التجارية بشكل قانوني، مما خلق أيضا جوا من الارتياح لدى الساكنة، خاصة المجاورين لهذه الفضاءات التجارية غير المهيكلة.
الوالي لم يكتف بهذا فقط، ولكن واصل جولاته لجميع الأسواق المغلقة من أجل تأهيلها مساهمة في اقتصاد المدينة من خلال إذكاء الحركية التجارية في جل الأحياء وتنويعها، ولعل أهم خطوة قام الوالي هي تجميع سوقين أسبوعيين وهما سوق سيدي يحيى وسوق حي الطوبة، في سوق واحد هو الآن في إطار البناء والتهيئ، وبواصفات ذات عالية الجودة.
من الأمور التي ركز عليها الوالي الخطيب الهبيل، العمل على إعادة الحياة للنافورات التي كانت معطلة لمدة طويلة، حيث أعطى توجيهاته لتتم إعادة تهيئها وهيكلتها من أجل إضفاء جمالية خاصة لهذه المرافق، خاصة خلال الليل حيث المياه المتدفقة بألوان زاهية والإنارة المسلطة على الجزء الأعلى من هذه المياه، مما يشكل لوحة فنية بديعة.
ومن وازع الانتماء والغيرة، وتماشيا مع ما تحقق لحد الساعة، وهو رقم قياسي من حيث المدة الزمنية، حسب البعض، فإن سكان مدينة وجدة يتوقون إلى المزيد من المكاسب من أجل رد الاعتبار لمدينتهم، منها على الأخص، تأهيل المداخل في جميع الاتجاهات، من خلال تزفيت الطرق وتقوية الإنارة بتثبيت مصابيح ذات الأضواء البيضاء الناصعة (LED)، على اعتبار أن الأضواء الصفراء الحالية قد زادت المدينة كآبة وشحوبا، وهكذا سيتذكر زوار المدينة، أشياء تستحق الذكر، وإن لم تكن كثيرة، فلنجعل مداخلها ذات صورة عالقة بأذهان ضيوف حاضرة المغرب الشرقي.
الوجديون يتوقون كذلك لساحة تحمل دلالات ثقافية وتاريخية. ساحة سيدي عبد الوهاب تعاقب عليها الزمن دون تغييرات بلمسات إبداعية، الساحة التي كلفت ملايير السنتيمات، أريد لها على عهد الوالي امهيدية أن تكون صورة مصغرة من ساحة جامع الفنا، بهذا الفسيفساء الذي يضم باعة العصير والحلزون والأكلات الخفيفة، جنبا إلى جنب مع الفرق الفلكلورية وحكايات المسيح التي تجمع أبناء المدينة وزوارها. ومع الوالي الجديد لا يزال المطلب هو نفسه لتحويل الساحة إلى فضاء للترويح عن النفس وتناول أكلات خفيفة وعصائر فواكه مختلفة.
سكان وجدة يريدون لأسوار المدينة أن تشع إضاءة، كما هو الشأن بعدد من المدن المغربية العتيقة، والتي تبدو بارزة ليلا بفعل الأضواء التي تسلط على أعالي الأسوار في منظر بديع يعيد الاعتبار للموروث الوطني التاريخي، منها باب سيدي عبد الوهاب والباب الغربي وباب الخميس. وفي هذا السياق يتساءل الوجديون عن مآثر المدينة التي تضرب لأزيد من ألف سنة في عمق التاريخ، لماذا لا تشكل مصدر إنعاش للسياحة بالمدينة، ولماذا لا يكون هنالك مسار سياحي يمر عبر المدينة العتيقة مرورا بالجامع الكبير وثلث سقاقي وحمام الجردة الأقدم تاريخيا على الإطلاق، ومدرسة سيدي زيان والباب الغربي وصولا إلى باب سيدي عبد الوهاب.
الوجديون ينتظرون من الوالي، أن يرد الاعتبار للمساحات الخضراء، بعد أن تحولت المدينة إلى مدينة اسمنت وحجر، مما أثر سلبا على مناخ المدينة وكذا على فضاءات التنزه التي تعد على رؤوس الأصابع، والتي لم تعد تشكل مصدر ميول للعائلات، إما لعدم أمنها أو لبعدها، كالحديقة الإيكولوجية أو حديقة لالة عائشة أو حديقة لالة مريم، أو منتجع سيدي يحيى.
من الأشياء التي يلح عليها أبناء المدينة كذلك، توسيع الطرق، حيث أن جل الطرق بالمدينة لم تعد تستوعب الكم الهائل من السيارات والمركبات، لذا وجب التفكير جديا في توسيع الطرق وتغيير بعض المسارات، وذلك للتخفيف من الاختناق الحاصل ببعض الممرات، مما يعيق حركة السير ويجعلها أحيانا عديدة مستحيلة. خاصة شارع محمد الخامس، وهو أهم شارع بالمدينة، والذي أصبح في وضعية كارثية تستوجب التدخل العاجل لإعادة تأهيله، لأنه يبقى شارعا ذا دلالة عميقة لدى أبناء المدينة.
في الأخير لا بد من الإشادة بجميع مكونات السلطة، على انخراطهم الجدي والسلس لتنزيل الرؤية الإصلاحية للوالي، دونما اختلال أو تعثر، وهو ما يترجم الحس الوطني وحس المسؤولية الذي يحمله الجيل الجديد من رجال السلطة، على عاتقهم.





