
قبل مجيء الوالي الخطيب الهبيل الذي أعطى بارقة أمل لأبناء وجدة والجهة الشرقية، عشنا فوق ركام اجتماعي قاتل، واستعصاء سياسي غريب حول مدينة الألف من ستراسبورغ الحلم إلى مجرد قندهار الواقع، بجفاف على مستوى الإنجاز والذي طمر آخر ذرة أمل لدى السكان، كل هذا والبعض يصر على تتويج شخصيات لم تقدم شيئا يذكر لهذه المدينة، فيتحول التتويج إلى أشبه بمدح بالمخالفة وقصائد المادحين في العصر العباس، بما في ذلك ورود الثامن من مارس التي اختلف حول مستحقاتها، من ممثلات الأمة داخل القبة لم تراوح أغلبهن نطاق الأسئلة وفاعلات جمعويات أغرقن في مناصرة سياسيين على حساب الرسالة الحقيقية للعمل الجمعوي كرافعة موازية للعمل الحكومي.
غير أن الساحة المحلية لم تخل ممن سوقن اسم المدينة وطنيا ودوليا ومن يستحققن كلمة ثناء، ولعل أبرزهن رئيسة جمعية الشبيبة لذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤها حورية عراض، التي بصمت على مشوار متميز من حيث الإنجازات ومن حيث المساهمة في تسويق اسم المدينة على المستوى الوطني، وكانت شريكا حقيقيا موثوق به في مواجهة عدد من الظواهر التي تحدث بالمدينة والجهة الشرقية ككل، ومنها محاربة الهدر المدرسي وتشغيل الكفاءات وتكوين الشباب في مهن مخلفة حسب ما يتطلبه سوق الشغل، إضافة إلى احتواء المد الإفريقي الناتج عن حلم الشباب والقاصرين من دول جنوب الصحراء، لبلوغ أوربا، الذي سرعان ما يتحول إلى مجرد كابوس، فيجد هؤلاء ضالتهم في المراكز التابعة للجمعية من أجل الاستقرار النفسي والمادي من خلال تعلم حرف مدرة للدخل.
حورية عراض استجابت بشكل فوري وانخرطت في السياسة العامة للبلاد بخصوص قضايا الهجرة في إطار برنامج” هجرة وحماية” الذي أتقنت حياكته من الناحية التنظيمية والقانونية والإنسانية. ووسعت من أجله الطاقة الاستيعابية لمراكز إيواء المهاجرين التي تشرف عليها، أضعافا كثيرة مما كانت عليه من قبل، لتكسب بذلك ثقة الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم منظمة اليونيسف والاتحاد الأوربي.
إلى جانب الأفارقة من دول جنوب الصحراء، واصلت عراض برنامج تكوين شباب وجدة الذين لم يسعفهم الحظ لمواصلة دراستهم، في إطار برنامج الفرصة الثانية الجيل الجديد بمدرستي عبد الكريم الخطابي ولالة نزهة، بتسجيل أعداد قياسية من المستفيدين من التكوين في مختلف الشعب والتخصصات يكملون دراستهم بالحصول على ديبلومات معترف بها تمكنهم من ولوج سوق الشغل، وفي الإطار نفسه، عينت رئيسة جمعية الشبيبة عددا من الأطر لمواكبة البرنامج، لتكون بذلك قد ساهمت في امتصاص البطالة، وهو ما عجز عنه عدد من ممثلي السكان، هذا الإحقاق تعزز بإضافة شعبة التكوين المهني بالتدرج، والذي وقف عليه وزير التربية الوطنية شخصيا، في زيارة خص بها مركز لالة نزهة، خرج خلالها بكثير من الخلاصات، حول العمل الكبير الذي تقوم به هذه السيدة، وما دعوتها للقاء الوزير بالرباط، سوى تأكيد على الرضى التام للمسؤول الحكومي على ما يتم القيام به، لتصبح تجربة جمعية الشبيبة ماركة مسجلة لا تتأتى لأية جمعية أخرى.
أيقنت حورية عراض أن العمل الاجتماعي الإنساني والإحساني هو من صنع لها اسما محليا ووطنيا وبلغ صداه المستوى الدولي، فقطعت الشك باليقين وقدمت استقالتها من المجال السياسي لتتفرغ لأعناق أطفال، تشرئب إليها كل يوم من البراءات من ذوي الاحتياجات الخاصة كما الأسوياء.
هذه هي حورية عراض الصورة الجلية التي لا تقبل التملق والنفاق، والصفحة المشرقة مما تبقى من العمل الجمعوي الجاد المساهم في التنمية وفي تلميع صورة البلاد كشريك حقيقي للبناء وتسويق صورة المغرب الحقيقية في منآى عن لغة الأرقام الافتراضية البعيدة عن الواقع.
يثبت الواقع أن الزعامات لم تخلق لتكون دائما بصيغة المذكر، فهناك نموذج امرأة بألف رجل، تستحق أوسمة وباقات ورد عديدة عرفانا وتقديرا لما تقوم به هذه السيدة في جمعية تسلمتها في غرفة الإنعاش لتحولها إلى إحدى أكبر مؤسسات الرعاية الاجتماعية ببلادنا.
