
يوسف الطاهري
بتاريخ 19/04/2024
تعتزم جمعية قدماء نهضة بركان بالخارج عقد ملتقاها السنوي لهذه السنة بمدينة بروكسيل ببلجيكا يوم السبت 27 أبريل تحت شعار ” في ذكرى زكرياء الزروالي”، والذي وافته المنية صباح يوم الاثنين 3 أكتوبر 2011. وكانت بداية الفقيد زكرياء مع فريق نهضة بركان لينتقل إلى فريق المولودية الوجدية ثم فريق الرجاء الرياضي البيضاوي الذي سيستقر فيه إلى أن توفي وهو في الثلاثين من العمر. وقد التحق بتشكيلة المنتخب الوطني منذ سنة 2005، ولعب آخر مباراته الدولية ضد الكاميرون التي جرت بمدينة فاس في سنة 2010.
وكما دأبت جمعية قدماء نهضة بركان في إطار تكريس ثقافة الاعتراف، اختيار كل سنة لاعبا أو فاعلا ساهم في مسيرة النهضة الرياضية البركانية للاحتفاء به، حيث تم في السنة الماضية تكريم اللاعب السابق للنهضة محمد لصحف بمدينة أمستردام بهولندا، فقد تم اختيار اللاعب السابق للنهضة عبد الحق ازبايري لهذه السنة وهو من جيل أواخر الثمانينات الذي جاء مباشرة بعد نزول النهضة البركانية إلى القسم الوطني الثاني سنة 1986.
وستجرى بهذه المناسبة مقابلة لقدماء نهضة بركان ضد قدماء المغرب التطواني.
نحاول في هذا البورتريه المختصر، القيام بجولة حول مسيرة اللاعب الرياضية عبد الحق ازبايري المحتفى به في هذا الملتقى.
—-
بورتريه حول اللاعب السابق للنهضة البركانية عبد الحق الزبايري
عرفت مدينة بركان نهضة رياضية متميزة في أواخر السبعينات شملت مختلف الرياضات، فإضافة إلى تكريس كرة السلة لموقعها الرائد على المستوى الإقليمي والوطني، فقد عرفت كرة اليد تطورات مثيرة غير مسبوقة سترفع من شأنها على المستوى الوطني، وتستقطب إليها جمهورا كبيرا حرص على دعم الفريق الدائم بعد حصوله على نتائج جد مشرفة.
إلا أن كرة القدم باعتبارها اللعبة الأكثر شعبية، والتي لعبت دورا تربويا كبيرا موازيا لما قدمه العمل الجمعوي والثقافي بالمدينة منذ تأسيس دار الشباب الأندلس سنة 1978، كانت لها كلمتها في تحديد ملامح هذا المجد الرياضي البركاني النادر الذي عرفته الرياضة في المدينة أنذاك، حيث تمكن فريق النهضة الرياضية البركانية بالصعود لأول مرة في تاريخه إلى القسم الوطني الأول في موسم سنة 1980 – 1981، واحتلال مرتبة الوصيف للمغرب الفاسي في البطولة الوطنية للقسم الوطني الأول في موسم 82-83، ثم لعب نهائي كأس العرش سنة 1987 ضد الكوكب المراكشي ليحتل مرتبة الوصيف في كأس العرش.
إضافة الى هذه الإنجازات التي حققها فريق النهضة الرياضية البركانية لكرة القدم، كان للإنجاز الكبير الذي حققه المنتخب الوطني المغربي في مونديال 1986، كأول فريق إفريقي وعربي يتجاوز دور المجموعات أي الدور الاول، آثارا قوية على وعي الأطفال والشباب، ومحفزا قويا للحلم ببلوغ مستويات متقدمة تضاهي تلك التي حققها المنتخب الوطني، خاصة في الأحياء الشعبية مثل الحي الغربي المعروف ب”بويقشار” حيث ولد وترعرع الطفل عبد الحق ازبايري الذي يحتفي به قدماء نهضة بركان اليوم، والذي تخرج من أزقته عدد كبير من النجوم الرياضية وفي مقدمتهم احميدة بوسحابة، ويحيى بينطو، مجيد الزروالي وآخرون كان لهم الأثر القوي في اختيار عبد الحق لكرة القدم.
لقد كان لتك الأجواء التي خلفتها الإنجازات المذكورة أن جعلت الطفل عبد الحق ازبايري المزداد في الرابعة عشر من شهر أبريل سنة 1972، يحلم مثل أقرانه وأصدقائه بتحقيق إنجازات ترتقي إلى ما حققه السابقون من نجوم كرة القدم المحلية والوطنية، وهو يتمرس في أزقة وملاعب الأحياء تحت إشراف السيد عبد المالك احسايني. ويخوض مباريات فريقه المعروف باسم فريق “أمل ملوية” في الدوريات الرمضانية التي كانت تنظم في دار الشباب وفي ملعب “لَمْصَلَّا”، و “بويقشار” ليلتحق وهو في الرابعة عشر من العمر بفئة الفتيان cadet التي كان يشرف على تدريبها المدرب يحيى الهراس اللاعب السابق للنهضة الرياضية البركانية، والذي كانت له طريقة خاصة في تدريب هذه الفئة العمرية، وقد حقق من خلالها وبشهادة الجميع نتائج مهمة يمكن حصر أهمها في جعل الفيتان والشباب يثقون في أنفسهم، ويزدادون إيمانا بإمكانية تحقيق أحلامهم في الإرتقاء إلى مستوى عال.
وخلال فترات التمرين واللعب ضمن الفئات العمرية الصغرى، فئة الفتيان وفئة الشباب، أثارت طريقة لعبه انتباه مسؤولي فريق النهضة البركانية ومدربيه ومساعديهم، مما جعلهم يضعونه محط أنظارهم. الشيء الذي أتاح لهم الوقوف عند مؤهلاته ومهاراته الفنية العالية وقدراته البدنية على تحمل متاعب التمارين الشديدة وحرصه الدائم على الانضباط، واتضح لهم بجلاء قدرته على حمل قميص النهضة والدفاع عنه. ذلك ما جعل مدرب الفريق منير لهبيل حارس مرمى النهضة السابق يسرع في إشراكه رفقة كل من خالد الزروالي واحسايني محمد، في تدريبات التربص للفريق الأول أقيمت في مدينة السعيدية، تحضيرا لمقابلة ودية ضد المولودية الوجدية أجريت في المركب الشرفي بوجدة. مما مكنه من المزيد من الثقة في نفسه وقدرته على بلوغ مستوى عال في كرة القدم.
سيكون أول ظهور له مع فريق النهضة البركانية بديلا في مقابلة ضد فريق اتحاد سيدي قاسم 92-93، تلك المقابلة التي نال خلالها إعجاب العديد من مسؤولي الفريق وفي مقدمتهم المدرب الجزائري الحاج العبدي، إضافة إلى الجمهور الذي لم يتوقف منذ ذلك الحين على تشجيعه، نظرا لميزاته في اللعب المثيرة المعروفة بارتكازه على التمريرات القصيرة والقدرة على المراوغات السريعة والتمركز واستغلال الفرص لوضع التمريرات الحاسمة واستغلال المساحات. تلك الطريقة التي تعرف ب”التيكي تاكا” إذا انضاف إليها الاستحواذ على الكرة. وبعدها سيلعب مقابلة ضد السطاد ماروكان كاملة، وسيتألق فيها ليضمن لنفسه وجودا رسميا دائما ضمن تشكيلة الفريق الأول للنهضة البركانية.
التحق عبد الحق ازبايري وعدد من رفاقه بفريق النهضة ( رشيد بلفضيل، خالد الزروالي، احسايني محمد) في ظروف عصيبة مرت بها النهضة البركانية، بعد أن تهاوت وتقلصت مردودية الفريق، مما أدى به إلى النزول إلى القسم الوطني الثاني في سنة 86. و قد زاد من تعميق الصعوبة في استعادة الفريق لقوته، مغادرة عدد كبير من اللاعبين للفريق وهم من أهم عناصره، لأسباب مختلفة مثل التقدم في العمر أو الالتحاق بفرق أخرى أو الهجرة إلى أوروبا. ونذكر منهم الهاشمي برازي، وشهبون، ويحيى بينيطو، وفقول حفيظ والشاوش وغيرهم. مما جعل مسؤولية الارتقاء بالفريق تزداد تعقيدا ولا تقبل التهاون حتى لا ينحدر إلى عمق الهاوية، وتقع تلك المهمة على عاتق جيل شاب جديد يوجد ضمنه اللاعب المختفى به، ولم بتخلف هؤلاء الشباب على إنجاز مهمتهم. ويتجلى ذلك في النتيجة المهمة التي حصل عليها الفريق في موسم 1993-1992 وهي من أهم المواسم التي مازالت راسخة في ذهن عبد الحق ورفاقه، والذي كان فيها النهضة البركانية على مقربة من الصعود إلى القسم الوطني الأول، لولا تدخلات خارجة عن طاقة الفريق، تمثلت في انحياز أحد الحكام إلى الفريق المنافس على الصعود في آخر مبارة لبطولة القسم الوطني الثاني.
لقد تمرس اللاعب عبد الحق على يد عدد من المدربين الذين وضعوا فيه الثقة وساهموا في تكوينه فنيا وبدنيا وتهييئه نفسيا، منهم الهراسي ومنير لهبيل والمدرب الجزائري الحاج العبدي، النهاري، المدرب الجزائري سنور ومساعده بكاي الابراهيمي، المدرب كريمي والمدرب قيدي. وخلال الظروف الصعبة التي عرفتها نهضة بركان وتفاقم المشاكل الداخلية ومنها المالية على الخصوص والتي حدت من فعالية الفريق ومردوديته، تلقى اللعب نصائح كثيرة من متابعيه ومنهم المدرب الجزائري سنور الذي نصحه أكثر من مرة للبحث عن فريق يمكنه من تحقيق أحلامه في السمو بعيدا. لكنه لم يكن يفكر في مغادرة النهضة البركانية بتاتا.
وبعد سنوات من تمرسه و بروز قدراته ومؤهلاته في نهضة بركان، اهتمت به فرق كبيرة مثل الفتح الرباطي، أولمبيك خريبكة و المغرب الفاسي، وقد تم اختباره و الحارس رشيد برازي من قبل فريق الجيش الملكي لكنه وبسبب سوء تفاهم وقع لم ينضما إليه. وبعد ذلك عزز صفوف فريق البريد الرباطي سنة 1996 ولعب معه سنة كامة، وكان الفريق آنذاك يطمح في الصعود إلى القسم الوطني الأول.
عاد عبد الحق بعد ذلك ليُلَبِّي طلب إدارة فريق اتحاد أحفير ومدربه، لمساعدتهم في تقوية فريق شاب تبينت مؤهلاته الفنية وأبدى طموحاته في التقدم نحو مرتبة عليا، وقد قضى مع الفريق موسما كاملا، وكان ذلك في سنة 1998.
مثله مثل عدد كبير من اللاعبين ذوي المواهب الكبيرة والقدرات الفنية العالية، اختار الهجرة إلى أوروبا واستقر في نواحي باريس حيث لعب مع فريق شامبورسيAsm Chambourcy، مدة أربع سنوات، حقق خلالها ألقابا مهمة على الصعيد الجهوي. وتوقف عن اللعب بسبب ظروف العمل التي لم تسمح بذلك.
ولعشقه الكبير لكرة القدم، واستمرار الحنين لمراحل الطفولة والشباب، يستمر عبد الحق ازبايري في الارتباط بكرة القدم، حيث يقوم بدعم الشباب الواعد في مسيرتهم من جهة، ومن جهة ثانية فاعل ومسؤول في إدارة جمعية قدماء النهضة البركانية بالخارج رفقة عدد من قدماء النهضة الذين يشكلون فسيفساء متنوعة من مختلف الأعمار والأجيال.

